كم يزن الأنترنيت ؟ هل ان وزنه يعادل حقاً حبة من رمل ؟!

2008/09/02


ما هو وزن المعلومات ؟ اكثر الناس يعرفون هذه الحقيقة، وهي ان جهاز الحاسب الآلي، يحتوي كل انواع المعلومات، بدءاً من مكونات البريد الالكتروني، ومروراً بالوثائق والمستندات حتى الفيديو كليب. وهذه المعلومات تظهر عادة بشكل متسلسل، معززة بالأرقام، وهذه الأرقام ليست لها ماهية رياضية وحسب، لا بل انها اشياء ملموسة كذلك، تتخذ لها اماكناً في مدارات الكترونية.
ومن هنا فأن كل فرد (bit) من المعلومات لابد ان يكون له وزن، حتى وان كان متناهياً في الصغر.
والآن نريد ان نطرح هذا السؤال، وهو ما وزن المعلومات التي ترسل في يوم اعتيادي عبر الـ Internet الأنترنيت؟
للأجابة على هذا السؤال قمنا بجولة في المواقع المعلوماتية التخصصية، وتصفحنا كتب المصادر ذات العلاقة بالأنترنيت وزرنا موقع غوغل google الشهير وناقشنا بعض الخبراء في هذا المجال، وكانت نتيجة كل هذا هو اننا اذا ما اردنا اجابة واضحة على هذا السؤال لابد ان نقوم نحن ببعض الحسابات الرياضية، وعلى ما يبدو فأن هذا السؤال وهو كم تزن معلومات الأنترنيت؟ لم يخطر ربما على بال الكثيرين، حتى من الذين يقضون اوقاتاً طوالاً مع الشبكة المعلوماتية العالمية.
وكيفما كان الأمر فأن مفتاح حل لغز وزن الأنترنيت انما يكمن في المرحلة الأساسية التي تمر منها المعلومات الحاسوبية.
ومن اجل ان يتم سفر المعلومات بسهولة عبر الأنترنيت، فان المعلومات فيه تقسم الى رزم صغيرة، يطلق على الواحدة منها اسم paket وهذه الرزم تشتمل على اجزاء صغيرة من المعلومات يتراوح حجمها ما بين عشرات حتى الف بايت.
وبالاضافة الى المعلومات التي لابد ان ترسل عبر الأنترنيت، فأن كل رزمة تتضمن تفاصيل العناوين اللازمة في مسيرة المعلومات وحركتها عبر الشبكة.
وبغض النظر عن المكان والجهة التي ترسل اليها المعلومات، او نوع الأجهزة التي تمر بها الرزمة، فأن ثمة دورة اساسية تتكرر لعدة مرات، حتى تصل الرزمة الى الجهة التي ترتأيها.
ان الرسالة التي يراد ارسالها يتم ادخارها في جهاز الادخار التابع للحاسب الآلي، ومن بعد ذلك تخضع للتحليل والفحص، كي تتضح الوجهة التي ينبغي ان ترسل اليها.
وهناك ترميز خاص بطريقة الأرسال (يكون اما بشكل الكترونات تسير في سلك Ethernetاو بشكل فوتونات(جسيمات في غاية الصغر) تصدر عن كارت(wi-fl) ويتم بهذا الأرسال الى جهاز الحاسوب الآخر المتصل بالشبكة، وفيه يتم الترميز مرة اخرى ثم ادخاره.
ان هذه الدورة تتكرر بما يفي بالحاجة من العمل على ان الشىء الذي يحوز على الأهمية هنا ليس الألكترونات او الأمواج اللاسلكية التي تبعث من حاسوبك الآلي بل نماذج البيتات التي تشرحها هذه الأمواج.
ان الألكترونات او الأمواج التي ترسل بشكل مباشر من حاسوبك الآلي، لا تبتعد في العادة كثيراً (الحد الأقصى عدة مئات من الأقدام) حتى تصل الى حاسب آخر.
وفي حال ارسالك لرزم بشكل ومضات ضوئية او عن طريق الألياف الضوئية الى مسافة آلاف من الأميال فأن اجهزة التكرار Repeater الموضوعة في فواصل تبعد الواحدة عن الأخرى 20 ميلاً وفي مستوى سطح البحر تقوم بامتصاص الفوتونات المرسلة، وفي المقابل تقوم بارسال فوتونات جديدة الى اجهزة التكرار التي تلي وبعبارة اخرى تسهل علينا فهم المراد من هذا الكلام، فأن الأجزاء التي تتحرك عبر الأنترنيت لا تنأى ولا تبتعد على الأطلاق الى مسافات كبيرة. وفي الحقيقة فأن الذي يبتعد هو الشيء الذي يحمل الوزن.
ان نموذج بيت الذي يعبر عن كل رزمة معلوماتية يتم اعادة بنائه على الدوام في المذخر الألكتروني في كل نظام آلي اثناء عبور المعلومات خلال الشبكة.
وهناك طريق لفهم هذه القضية العلمية، وهو تصور انني امتلك سيارة ترغب انت في اقتنائها، وهناك فرض آخر وهو انك تسكن جزيرة لا يمكن الوصول اليها عن طريق البحر او الجو، ومن هنا فلا يكون في استطاعتي ان ابعث لك بسيارتي بشكل مباشر، ومن حسن الحظ فأن في الجزيرة التي تسكنها توجد ورشة حديثة ومجهزة مع مخزن كبير لقطع السيارات.
اذن من اجل ان ارسل لك سيارتي، اقوم بدراسة اجزائها بدقة ثم اقوم باعداد خريطة دقيقة عنها وارسلها لك عبر الـfax، هنا تقوم انت بانتاج سيارتي حسب المواصفات التي بعثت بها. اذن انت الان تملك سيارة جديدة بامكانك ان تستقلها وتقودها في الجزيرة، انها سيارة حقيقية بالكامل ولها وزن.
واذا ما تمكنا من تحديد وزن البيتات ذات العلاقة بقطعة معلوماتية اثناء وضعها في ذاكرة حاسب آلي فأننا نكون بذلك قد طوينا نصف الطريق التي توصلنا الى تعيين وزن الأنترنيت.
ولتحديد وزن الأنترنيت تبدو الحاجة الى مقدمات تقنية، في داخل ذاكرة الحاسب الآلي الأعتيادي، الشىء الذي يبدو هو ان كل بيت اما ان يعادل صفر او واحد وهو ما يطلق عليه اسم خازن، وهو قطعة توضع على شريحة، يمكن ان تحتفظ بمقدار قليل من الشحنة الألكترونية، واذا ما قمت بشحن خازن خلية فأنه يدل على الواحد المنطقي. اما الخازن غير المشحون فيدل على الصفر المنطقي.
هذا وان خوازن الذاكرة الألكترونية هي من الصغر بحيث لا نحتاج الى شحن الواحدة منها الا الى 40 الف (40000) الكترون، وهو في الحقيقة مقدار في غاية الضآلة، وللمقارنة ينبغي القول ان زجاجة مصباح بقدرة 100 واط، يعبر منها في كل ثانية عدد من الالكترونات يساوي خمسة فاصل سبعة في العشرة * عشرة مرفوعة للقوة 18وهو رقم كبير لو اردنا النظر اليه في لغة الرياضيات والحسابات.
والآن تعالوا لنلقي نظرة على رسالة الكترونية اعتيادية Normal E-mail ان كل E-mail او Electeronic Mail يحتوى على 50 كيلو بايت من المعلومات، وحيث ان كل بايت يشتمل على 8 بيت، وان كل بايت يتكون من 1024 بايت، وعليه فأن كل E-Mail يتضمن ما يقرب من 410 الف بيت.
وبالطبع فأن كل هذه البيتات لا تكون متساوية والا صار الـ E-Mail متعباً، وفي المعدل فأن نصف هذه البيتات هي من فئة الواحد، والنصف الآخر من فئة الصفر. وعليه لابد ان يذخر في ذاكرة الحاسوب الآلي ما يساوي 205 الاف بيت على وجه التقريب، الأمر الذي يحتاج معه الى ما يقرب من ثمانية مليارات من الأكترونات (ثمانية مضروبه في عشرة مرفوعة للقوة تسعة).
واذا ما اخذنا بنظر الأعتبار ان وزن الألكترون الواحد يعادل (اثنينعشره مرفوعة للقوة- ثلاثين) پاوند، ينتج ان E-Mail بحجم كيلو بايت واحد تقريباً له من الوزن ما يعادل (اثنين مضروباً في عشرة اس ناقص تسعة عشر) اونسة، وهذا الوزن هو بقدر واحد وعشرين الف ذرة من ذرات عنصر الرصاص.
ان هذا العدد قد يبدو كبيراً حداً، بيد انه في الحقيقة ما هو الا مقدار في غاية الصغر، كيف لا وكل اونسة من الرصاص فيها ما يقرب من 82 مليون كاتريليون (ثمانية فاصل اثنين في العشرة مضروبة في عشرة مرفوعة للقوة 220)
وما ذكرناه من هذه الأرقام يتعلق بـ E-Mail واحد فقط فكيف بسائر مذخورات الأنترنيت (كل صفحات وب، والرسائل الفورية، والأتجاهات التصويرية وكل ما يمكن ان نتصوره في الأنترنيت؟
لا ريب ان الوقوف على كل ذلك امر صعب. الا اننا في نهاية المطاف، يمكن ان نقدم الجواب والحسابات من خلال نظرة الى مستخدمي الشبكة (مثل خطوط المودم dial up، والأتصال بواسطة الألياف الضوئية وdsl).
ومن الضروري هنا التأكيد على هذه النقطة وهي ان اتصال الشبكة العريضة بالبيوت، والمراكز التجارية مثل ADSL واجهزة مودم السلكية، ينتج عنه القسم الأكبر من ثقل الأنترنيت.
وفي الوقت الحاضر فأن 75% من الزحام الأنترنيتي هو بسبب الأشتراك في الملفات بين المستخدمين على ان 59% من اشتراك الملفات يتعلق بالذين يتبادلون الملفات الفيديوئية، اشتراك الملفات الموسيقية يشغل 33% من زحام الأنترنيت تقريباً وحسب التخمينات فأن 9% من الزحام هو بسبب ارسال وتبادل الرسائل عبر البريد الألكتروني E-Mail وهذا الرقم يعادل ما يقرب من 40 پتابايت او (اربعة* عشرة مرفوعة للقوة 16) بايت.
ومع الأخذ بنظر الأعتبار هذا العدد، ووضعه في الصيغة التي استخرجناها لـ E-Mail من فئة 50 كيلو بايت يكون الناتج كيلو غرام (خمسة*عشره مرفوعة للقوة-9) واخيراً وبعد عدة حسابات متسارعة، يمكن ان نجيب على هذا السؤال كم يزن الأنترنيت؟ فنقول ان محتويات الأنترنيت تعادل على وجه التقريب 2/0 من المليون من الأونسة الواحدة او ما يعادل تقريباً 7/5 ميكرو غرام/ الميكروغرام يعادل واحد من المليون من الغرام الواحد.
ان الرسائل الغرامية، والعقود التجارية والرسائل الحاملة للفايروسات، والطلبات وملفات الأخبار والعروض التلفزيونية، والمقالات الأخبارية، وبرامج العطل، ورسائل التهاني والتعازي وصفحات وب والموسيقى، وامور اخرى في حياة الأنسان يتم ترميزها في اجواء الأنترنيت بشكل صفر وواحد ولو قمنا بجمع كل هذه الأمور، فأن وزنها لا يتعدى حبة رمل على الارض، حبة يبلغ قطرها 2من الف من الأنج او ما يقرب من 05/0 ملي متر.

من اجمل واروع الموضوعات التي قراتها حتي الان عن الانترنيت