في ليلة وقفة العيد، تتحول البيوت السورية إلى خلايا نحل، لإعداد أصناف
عديدة من الحلويات، وكأن ربات البيوت على أبواب مسابقة لتقديم الأطيب
مذاقاً والأجود صنعة.
فالعيد مناسبة تستحق أن تتباري النساء في إظهار مهاراتهن وأسباب تميز كل واحدة و التي تظهر في كرم الضيافة وأناقة الاستقبال.
وعلى الرغم من التخلي عن تحضير كثير من الحلويات الشامية في المنازل، مثل
التويتات والكرابيج والسنبوسك، والاعتماد على شرائها جاهزة من السوق، لم
تتخل سيدة البيت السورية عن تحضير المعمول والغريبة والكعك وأقراص العجين
في البيت، خصوصاً في العيد، وبحسب صحيفة الشرق "الأوسط" فلا عيد بلا
حلويات تصنع في البيت وتفوح رائحة تسويتها في الأرجاء حاملة بشائر الفرح
للأولاد، ولا عيد بلا تبادل الرأي مع الجارات والقريبات حول من هي الأكثر
شطارة ومهارة في ممارسة طقوس حميمة تقاوم الاندثار من جيل إلى جيل.
ولا يزال الريف السوري يفضل من الحلويات في العيد أقراص عجين الحليب
والسمن والسكر والمحلب، والتي تحضر على شكل قرص متوسط قطره 15 سم، ولا
يزيد سمكه عن 1 سم.
وفي يوم الوقفة تستيقظ ربة المنزل في وقت مبكر مع آذان الفجر لتقوم بتحضير
العجينة المكونة من 4 أكواب من السمن، و 3 كيلو دقيق، و3 أكواب سكر تذاب
في الماء الدافئ ،و ملعقة ملح وباكو بيكنج بودر ، وقطعة صغيرة من خميرة
خبز، وقليل من المحلب المطحون ،يُترك العجين بعد تغطيته جيداً في مكان
دافئ حتى يختمر، تبدأ بعدها عملية تفتيح العجين بالمدلك (المشبك)، وتحويله
إلى أقراص مدورة تزين بنقوش (منقاش) تثقيبي وهي أداة خشب ثبتت عليها
مسامير منزوعة الرؤوس بشكل هلال أو نجمة أو أشكال هندسية أخرى؛ النقش ليس
للزينة وحسب، وإنما عملية التثقيب تساعد على إنضاج القرص من الداخل. يختلف
مذاق الأقراص بين بيت وآخر حسب نسبة السمن والسكر، وهناك من يجتهد ويضيف
الحليب بدل الماء. إلا أن السيدات التقليديات يرفضن أي اجتهاد، لأنه
ببساطة سينتج نوعاً آخر من الحلويات غير المتعارف عليها في العيد. ثم تترك
الأقراص لفترة من الزمن كي تستريح وتأخذ شكلها، قبل أن تودع الفرن لتخرج
محمرة حاملة معها بشائر العيد. وما أن تبرد، حتى يبدأ الجيران بتبادل
التهاني مع الأقراص التي ستؤكل أيام العيد إلى جانب الرز بالحليب.
صبايا في خدمة المعمولأما في دمشق والمدن السورية، فتنتشر صناعة المعمول المحشي بالفستق الحلبي
أو الجوز. حيث يوضع لكل 3 كيلو دقيق وكوب ونصف من السكر، بعد الخلط يضاف
إليها 2 كيلو ونصف الكيلو سمن أو زبد ، ثم تضاف ملعقة خميرة ورشة ماء زهر.
تدعك بعدها العجينة لينسجم قوامها، ثم تغطى بقطعة قماش مبللة بالماء حوالي
ست ساعات. مع ساعات المساء، تحضر الطاولة، وتتجمع الصبايا ومعهن قوالب
المعمول، فتصنع كرات من العجين بحجم قبضة داخل اليد، وتوضع داخلها حشوة
الجوز والسكر، أو الفستق الحلبي، تكبس بالقالب لتأخذ شكل نصف كرة صغيرة.
في تلك الأثناء، تكون الصواني قد حُضرت، ومُسحت بطبقة زيت خفيفة، منعاً
لالتصاق المعمول. بعد قليل من الوقت، ينضج معمول العيد ويأخذ طريقه إلى
الموائد المزينة، ليصطف إلى جانب أصناف أخرى من الحلويات، تُجلب من السوق
كالبقلاوة والملبس والشيكولاتة... بانتظار الزوار والمهنئين، بعد تعب عدة
أيام متواصلة بلا نوم أو راحة.