نور المستوحشين

ضُمني في حماك
من لِـ قلبي سواك؟؟




في ليلة مكتظة بالشجون تحمل بين راحتيها كل معنى للأسى



كنت وحدي اتكئ على أريكة مصنوعة من الجراح



أحمل في يدي كأساً من الهم أتجرعه ولا أكاد أسيغه



رحى الحزن في فؤادي تـدور وصراع النفس في داخلي يتفاقم شيئاً فشيئا



معارك حامية الوطيس كان ميدانها عيني



ثورتها تحجب عني الرؤية وتسقط فيها الدمعة تلو الدمعة



معلنة انهزامها أمام الوجع وجهي الذي كان مشرقاً



كما الشمس أمسى شاحباً ممزوجاً بلون الألم القاتم



شفتي مغلفة بصمت رهيب لم اعتده وعلى جبيني علامات اكتئاب



أصوات الأنين تزمجر في حناياي


وتحاصرني لتقتل كل معاني الأمان



و بدون هوداه



هكــذا كنت وهكذا كانت ليلتي هم يصاحبه غم حيرة يعقبها وجع



لورأتني الأشباح حينها لفرت مني هاربة ولتعالى زفيرها والشهيق



سبب ذلك أني سقطت في غمرة من التيه والضياع فانكسرت ساقي وعلى إثرها



فقدت جُلَّ قواي فعجزت عن النهوض وانتشال روحي من بين براثن العناء وعمق الشجون



آلات الاعتراض تدكني دون شفقة و لهيب الضجر يلفحني



طوق من عدم الرضا يشتد حول عنقي يخنقني فتحتضر الأنفاس



ويزداد الأنين وأجتر في جُنحِ الظلام مواجعي أحاول بصراخ مثخن مكبل



إلى حد اليأس أن أستجدي ببصيص أمل لكن لاجدوى



فالآمال تتلاشى مني والآلام تتسابق إلي والجرح ينزف ولكن ببذخ



لفني الحزن فشقيت نفسي وفاضت أدمعي



حينئذ شعرت أني لامحالة هالك



وأن ملائكة الموت تتسارع في تكفيني



إلا أن رحمة الله التي وسعت كل شيء كان لها قدم السبق



فبينما أنا ألوك جراحي بمضض إذ غشيتني رحمته



وحلت محل القنوط الذي كاد يأسرني أن لم يكن قد أسرني



تذكرت حديث المصطفى



صلوات ربي وسلامه عليه "أرحنا بها يا بلال"



فأحسست أني بحاجة ماسة إليها كـدواء لدائي



وما إن تذكرت قوله حتى شعرت بروحي تسوقني إلى افتراش سجادتي



لأقف أمام رب يعلم السر وأخفى وفي السجود غشيتني نوبة بكاء



شعرت أني بين يدي رب رحيم لا يعلم بحالي سواه



ولا يرى ما في قلبي والهم الذي جثاه أحد غيره



فناجيته بقلب هيوب ونفس سبت في ظلام الذنوب

وصرخت يا الله



يا من إذا ما أظلم ليل اليأس في قلوب المستوحشين أنار بنور جلاله ظلمته



و يا من إذا ما اشتد الكرب في نفوس التائهين فرج برحمته كربتهم



ويا من إذا ما سُدت طرق النجاة في وجوه الحائرين



أرسل سفنه لإنقاذهم من الغرق



رباهـ



خذ بيدي كيلا أسقط في متاهات الحياةإذا أردت



فاجعلني رهن مشيئتك



وإذا قضيت فهيئ قلبي لتقبل قضائك



واجعلني راضية بما قسمت لي قانعة بنصيبي من دون الخلق



ولا تشقني برحمتك يا أرحم الراحمين




أعوذ بك من أن تنزل بي ما لا أستطيع الصبر عليه



وأسألك أن تلطف بي وترحمني



فأنت أكرم من أن تعذب روحاً تقر بوحدانيتك وتشهد أنك أنت الله


يا رحمن ارحمني في أحوالي كلها



وأنر ظلمات دنياي بفيض رحمتك وارزقني الرضا بالقضاء والصبر عليه



بعدها أدركت قيمة الاطمئنان في القرب من الرحمن


كل الأشياء تصغر في عينيك حتى لا تكاد ترى في غير قربه مأوى ولاموئلا ولا مـلاذا



فلك الحمد و لك الشكر و لك الرضا